إن رسالة الطريقة الكسنزانية هي المحبة والقيم الإنسانية بما تعنيه هذه الكلمات من معاني وأوصاف، ولم تكن الطريقة يوماً من الأيام خاصة بمجموعة أو قومية أو مذهب معين، ولكنها حق طبيعي لكل إنسان يسعى للحصول على رضا الله سبحانه وتعالى، وإصلاح نفسه، من خلال السير على منهج التربية الروحية والأخلاقية والإنسانية للطريقة، من اجل الوصول إلى فظاء المعرفة والعلوم، والسمو الروحي والعرفاني، من خلال الرحلة الشاقة الشيقة للوصول إلى الله سبحانه وتعالى، بواسطة الأستاذ والمربي والمعلم المرشد، قال تعالى ( ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا ) وأيضا قوله جل جلاله ( ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) ولم تكن الطريقة خاصة لأمة ما، فهي للناس كافة، خاطبهم بخطاب واحد، بقوله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ).
وجعل مقياس التمايز بين خلقه هو التقوى، وهذه الحقيقة هي فحوى دعوة الأنبياء والمرسلين جميعاً قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) إن الطريقة الكسنزانية هي رسالة الإنسان، وإلله سبحانه وتعالى يريد الخير لعباده، ويردهم إليه رداً جميلا، وأن ينتزعهم من العبودية للنفس والهوى .. إلى عبودية الله الواحد خالق كل شيء، وهو بعث الأنبياء والمرسلين لخلقه هدى ورحمة، ووصف حبيبه سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم، بقوله ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) ومن خصائص هذه الرسالة المحمدية الروحية، أنها للناس كافة قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) من هنا جاءت دعوة الأنبياء والمرسلين، ومن بعدهم ورثتهم من الأولياء والصالحين، يحملون رساله استاذهم ومعلمهم العظيم سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم، ينشرونها بين الناس، أن رسالة الإرشاد الكسنزانية العالمية اليوم هي ومضة من النور المحمدي الأعظم، وهذا ما يؤكد عليه السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان الحسيني رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم حيث يقول ( الطريقة هي رسالة الرحمة للعالمين، الطريقة هي الدرع الواقي للبشرية من الظلام، الطريقة جسر بين كل الأديان، الطريقة خدمة الحق والعدل للبشرية ) ويؤكد حضرة الشيخ دائما على طلب العلوم حيث يقول ( نور الطريقة يفتح أبواب العلوم في شتى المجالات لخدمة الناس، طلب العلوم والدراسة أساس مهم في الطريقة لخدمة المجتمع.
نحث مريدي الطريقة على طلب العلوم والدراسات العليا والوصول إلى أعلى المراتب في طلب العلم ) وهو يؤكد على أهمية رسالة الإرشاد الكسنزانية ونشر هذا النور في قلوب البشر جميعاً، حتى يخرجوا من ظلمانية النفوس وجهلها، إلى نور العلم والمعرفة، نور الصفاء والنقاء والمحبة والارتقاء الروحي، لتتوازن الحياة الكاملة بين الروح والمادة، من هنا كانت خيوط شمس المحبة، وفجر ذكر الله سبحانه وتعالى الجميل، هي فحوى الرسالة الكسنزانية التي تشع بالضياء وتنشره في كل مكان في هذا الفضاء الكوني الواسع والكببر ، وشعار النور الأعظم للحقيقة المحمدية هو نشر قيم المحبة والسلام والتسامح بين المجتمعات العالمية، وما أحوجنا لها في هذا العصر، ونحن بأمس الحاجة إلى مدارس التزكية والتربية الروحية وسلوك الطريق إلى الله سبحانه وتعالى.
أن الطريقة الكسنزانية تنبذ الكراهية من أعماق الروح،وتدفع بالتّجربة الروحية نموذجا فريدا للإصلاح النفسي والطمأنينة والراحة إلروحية، بما تمنحه هذه التجربة من عمق في الوعي لدى المريد لكي ينفتح قلبه على الآخر المختلف، والذي يعبر عنه بوحدة التّنوّع الهائل للحقّ، ويصعب حصر ذلك الاختلاف بقيود التعبير ورشاقة المنطق، وهنا تنعدم الفوارق بين بني البشر، وهذه قمة العالمية في الفكر الكسنزاني الروحي الذي تميز بألانفتاح والأعتدال والوسطية، بدليل شيوع هذه التّجربة الروحية بشكل عملي في أكثر من ٩٣ دولة في العالم، ولها مريدون في شتى بقاع الأرض،
وان سلوك الطريقة يسعى بالمريد إلى هزيمة الجسد والنفس والهوى، ونهوض القلب والعقل في طلب الحقّ والعلم والمعرفة واليقظة الفكرية التي يمكنها أن تعالج الفوضى الاجتماعية وحتى السياسيّة والاقتصادية التي تعاني منها المجتمعات العالمية، وحسم المشاكل الأساسيّة التّي تخصّ السّلم، والابتعاد عن الحروب ومواجهة التطرف والتفكير.
والطريقة ترتكز على المحبّة في الفكر من دون غاية، بعيدا عن الأنانيّة وحب الذات، والشخصية المعنوية الكسنزانية تقدم العطاء والخدمة بلامصلحة ولا مقابل،
والأنفتاح على الآخر، وفق قواعد ثابتة تترأسها الأخلاق، وإعادة رؤية القيم بشكل إنسانيّ مفيد متحرّر، غير منغلق، مثل الأيديولوجيات والقوميات والحدود والهويّات، عناوين تتنازعها الأدلجة الدينيّة والسياسيّة والمصـالح الاقتصادية المتسلّطة، والتأكيد على وحدة الأصل البشري، وإلغاء كل الاعتبارات الإضافية المتّصلة بالنّشأة والجنس، والواضحة في قوله تعالى: (“يا أيّها الناس اتّقوا ربّكم الذّي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منها رجالا كثيرا ونساء ) أن الرسالة الكسنزانية هي رسالة الرحمة والمحبة والإرشاد وايقاظ العقول والقلوب، لما فيه نفع البشرية وخير الناس .