ما هو الشرك الحقيقي؟
يدخل تحت مفهوم الشرك كل من الوثنيين، الكفار، الزرادشتية، العابدين لخلق الله، ومرتدّو اليهودية والمسيحية.
يُعرف الرياء بالشرك الأصغر ويكون باطنيا. يُنعت أهله بالضلالة ونجدهم بين: أهل الثناء، حفّاظ القرآن، الواصلين للرحم، المتصدّقين، وكذلك الشهداء والأبطال، وهم أوّل من ستتأجّج لهم نار جهنّم يوم القيامة.
عند رفع الملائكة الكرام الكاتبين لصلوات هؤلاء وصيامهم وصدقاتهم وجهادهم في سبيل الله ومختلف أعمالهم الصالحة إلى السماء السابعة، تَأمر الملائكة تبليغا من الله بإلقاء تلك الحسنات على وجوه أصحابها، لأنهم طَلبوا بعملها شيئا آخر غير وجه الله. فيلعن المَلِك جلّ في علاه كل من ابتغى بصالح عمله مقصدا آخر سواه، ثم تلعنه الملائكة ويلعنه كل من في الأرض والسماء.
ومن بين الخطايا المحقِّقة للشرك نجد الرياء، وهو الأكثر شيوعا في واقع الأمر. يليه تعظيم الخَلق مكان الخالق وعبادته عبادة مستحَقّة لله الواحد القهّار. يأتي بعدها تبجيل وعبادة المتكلّمين بإسم بعض الديانات (كبودا مثلا وغيره) باعتبارهم آلهة والاتكال عليهم للظفر بالجنة.
ومن المعلوم أن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يغفر أن يُشرَك به، كأنْ لا يغفر لمن يُعارض إيمانُه ما جاء في سورة الإخلاص من مفاهيم اعتقادية. من جهة أخرى نجد أهل الرِّدّة، وهم من يعترضون على مدح سيدنا محمد ﷺ وتعظيم شأنه، مدّعين أنه شرك بالله، هادفين في سرائرهم إلى تغيير وتحريف الموروث الإسلامي الأصيل.
ثم ماذا عن أولئك الذين يشوّشون على عمق ووضوح حدود العبادة، فيخلطون الأمور ويصفون محبّي النبي ﷺ ومبجّليه ومتّبعي سنّته بالشرك؟ وماذا عن أولئك الذين -بدعوى تنكّرهم للشرك- يُصدِرون الأحكام على الخلفاء الراشدين وعلى أئمّة الإسلام الأربعة، من لا يُلقون بالًا للشريعة ويضربون بالعقيدة عُرض الحائط، ومن ينكرون بعض أحاديث النبي ﷺ وقرآن الله الكريم؟.
بموجب ما سبق، أضحى من اللازم تَبيُّن المعنى الحقيقي للشرك، حينئذ فقط ستتّضح لك ملامح من يسعى للتشويش عمدًا على شعلة الهداية، فتحترز منه وتقوّي حذرك من سلك إحدى طرقات الشرك. تمسّك بالتوحيد الصحيح (لأنه هو الفاصل، فلا يترك لك مجالا تتأمل فيه توبة هؤلاء، أو هفوة تخاف فيها من تأثيرهم عليك).
حرمات الله الثلاث الحافظة للإسلام
قال رسول الله ﷺ: “إن للّه حرمات ثلاث من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا: حرمة الإسلام وحرمتي، وحرمة عِترتي”. وقال أيضا ﷺ: “من لم يعرف حقّ عِترتي والأنصار والعرب، فهو لإحدى ثلاث : إمّا منافق، وإمّا ولد زانية، وإمّا امرؤ حملت به أمّه في غير طُهْر”.
ونبنى على حكم الحديثين أمران:
1. بذل المسلمين من أهل السنة والجماعة وُسعهم لحماية هذه الحرمات الثلاث وعدّها شرطا جوهريا للاعتقاد الصحيح، واعتبارهم لمن لا يعظّم حرمة الإسلام وحرمة الرسول ﷺ وحرمة رحِمه الشريفة منافقا وواحدا من أهل البدع.
2. رؤية أهل السنة والجماعة بأن تعظيم وحماية حرمة الرسول ﷺ وحرمة الأنصار والعرب هو أقرب ما يكون إلى الفريضة (الواجب)، ووصفهم لمن لا يعترف بإحدى هذه الثوابت الثلاث بأنه إما أن يكون منافقا، أو ابن زنا، أو حملت به أمّه في غير طُهر. ولابد من أن يكون إنسانا فاسدا أو عدوّا.
بهذا تغدو هذه الركائز الجوهرية الثلاث إضافة إلى الركائز الظاهرية الثلاث شروطا على أساسها حفظ لنا الله ديننا الإسلام.
(وفي هذا الصدد، نجد أن المُعادين للإسلام من اليهود يركّزون في المقام الأول على هذه النقاط الثلاث عند مهاجمتهم للدين الإسلامي. فيدّعون أن قِدم الإسلام لا يتجاوز ألفا وأربعمائة سنة، حتى أنه لا يصل إلى مئتي سنة كاملة. يُشِيدون بعراقة ديانتهم زاعمين أن الإسلام حديث عمر لا مجال لمقارنته باليهودية، كما أنهم ينتهكون حدود حرمة أشرف المرسلين ﷺ وآل بيته الكرام. -ملحوظة المترجم)
كيف تتم ترقية المنزلة الإيمانية؟
قال ﷺ: “جدّدوا إيمانكم”، أي ارتقوا في مقامات الإيمان. اعتبارا بأنه لا بداية للإيمان، وجب على الإنسان توحيد الله طول حياته وإخلاص العبادة له دون إقحام شريك له. ويكون ذلك بمداومة ذكر الله والصلاة على نبيه ﷺ سرّا أو جهرا، جماعة أو فردا.
قلب العبد هو مرآة الله البيّنة. فبمجرد أن يشوب شيء من العلائق صفاء مرآة القلب، يفقد الوجه بريقه في الحال ويستحيل لونه إلى السواد. من الناحية الثانية، سيبرز ويشرق نور إيمان الوجه والقلب فقط عند تلميع مرآة هذا الأخير، ويتأتّى ذلك باستمرارية الذكر لِـ “لا إله إلا الله” والتمسك بمعتقد “أنْ لا معبود إلا هو”.
تشير عبارة ‘هو’ الأخيرة إلى الله ذو الجلال. (ثَمّ ذكره عند الصوفية).
يداوم المرء على صقل مرآة قلبه عند مواظبته وإكثاره من قول “لا إله إلا الله”، ويحافظ على صفاء وقوة إيمانه بترديد “محمد رسول الله”. أما سرّ الثبات على الطريق الموصل لله فيكمن في التعرف على صفتي الله الرحمـٰن والرحيم، وفي الاستناد على الرحمة العظيمة في نشد الرحمة الأبدية.
قال عز وجل: {مَن كَانَ يُرِيدُ اُ۬لْحَيَوٰةَ اَ۬لدُّنْي۪ا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمُۥٓ أَعْمَٰلَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَۖ (15) أُوْلَٰٓئِكَ اَ۬لذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِے اِ۬لَاخِرَةِ إِلَّا اَ۬لنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَۖ (16)}. سورة هود
(أنظر كذلك في كتاب ‘ارشاد’).