“الصوفية فى مصر”… طريقة ومجتمع

صوفية مصر

كتب: محمد درويش

 

يرى كتاب “الصوفية في مصر.. طريقة ومجتمع”، لمؤلفته الباحثة، الدكتورة نوران فؤاد، أن الصوفية ظهرت كعلم ديني وحركة اجتماعية، يقتدي بكل طريقة فيها، أعداد كبيرة من الأتباع، وفي الوقت الذي استمرت هذه الطرق في الظهور والانتشار في أنحاء العالم الإسلامي.

فإن شيوخ هذه الطرق حققوا سلطة في العالم الروحاني، بل أيضا في العالم الدنيوي كذلك، وأصبح هؤلاء السادة يحصلون على التقديس والولاء من قبل الملايين من الأتباع الذين أقسموا يمين الطاعة للشيخ، ومن خلال الشيخ للرسول الكريم (ص)، وفي النهاية لله عز وجل.

وتقول نوران فؤاد، ان المجتمع المصري ارتبط بالطرق الصوفية في القرن الثالث الهجري، منذ أن ظهر ذو النون المصري لنشر رسالة التصوف النابعة من منهج الكتاب والسنة. ووصل عدد المتصوفين في مصر عام 2008، إلى نحو 11 مليون صوفي، وهم يتبعون 73 طريقة صوفية.

ولكل طريقة شيخ يسمى شيخ الطريقة، ويعد ذو النون المصري ( 425 هـ )، من الرواد الأوائل الذين أحدثوا تحولاً في مفهوم التصوف، خاصة في هذين القرنين، إذ أظهر أفكارا جديدة، واصطلاحات وتعبيرات خاصة، بعضها يتعلق بالجانب النظري، من تحديد لمعالم الطريق، وترتيب للمقامات والأحوال.

وذو النون أول من أظهر اللغة الرمزية في عبارات الصوفية، ولم يكن لها وجود قبل ذلك، كما نسب إليه التأثر بالفلسفة الإشراقية. ونقل عنه قول يدل على معنى حيوي مفاده أن الهدف من التصوف هو بناء المجتمع المسلم على أساس من الفضيلة والخلق السليم، والتمسك بمبادئ الدين القويم وتعاليمه السامية، وأن تحل الأخلاق بين أفراده مقام القانون، بأن يكون للمسلم وازع من ضميره يدفعه إلى الحرص على الكمال وطلبه.

وتشير المؤلفة الى أنه شارك ذو النون المصري في غرس جذور التصوف في مصر، شخصان مهمان، وهما: الصوفيان، أبو بكر الدقاق وأبو الحسن بن بنان الجمال. ومن ثم استمرت حركة التصوف في مصر خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين، ثم ظهرت أكبر مدرسة صوفية في مصر لمؤسسها عبد الرحيم القنائي في القرن السادس الهجري، وتوالى ظهور الطرق إبان القرنين السادس والسابع الهجريين.

وتوضح نوران أنه لا يكاد يخلو بلد مسلم أو غير مسلم من الطرق الصوفية وأتباعها، بل إن أعداداً كبيرة من الطرق تعد طرقاً دولية، نتيجة انتشارها في عدد من البلدان، مع ارتباط الأتباع في هذه البلاد من خلال الموالد والمهرجانات، كما تبدو بعض هذه الطرق الصوفية عابرة للحدود والجنسيات.

كما هو الحال مع الطريقة التيجانية التي تنتشر في غرب افريقيا تحديداً، وهذه الطريقة تملك نفوذاً سياسياً، يصل إلى مستوى رئاسة الدولة، وهي تعقد لقاءات ومؤتمرات ومهرجانات تمثلها في عدد من الدول.

وترى نوران فؤاد أن هناك تداخلاً بين مفهومي التصوف والزهد، ومن الصعب تحديد فواصل زمنية بين حركتي الزهد والتصوف في الإسلام، فالتطورات الفكرية لا تخضع بطبيعتها للتحديد الزمني الصادم، ولكن من الملاحظ وجود تطور أو تحول، طرأ على الزهد في أوائل القرن الثالث الهجري على وجه التقريب، فتم تسمية الزهاد منذ هذه الفترة بالصوفية.

واستعانت المؤلفة في كتابها، في إطار تحقيق الهدف، بعدة أساليب، تمثلت في: أسلوب دراسة الحالة على عدة مستويات تتمثل في مؤسسي الطريقة، الأسرة الصوفية، الطريقة الجعفرية ككل.

وقسمت نوران كتابها، إلى مجموعة من الفصول، درست في الفصل الأول، موضوع التصوف وصلته بالتراث الشعبي، وحللت في الثاني، معالم الطرق الصوفية في افريقيا، وركزت في الثالث على تبيان الطرق الصوفية في مصر. وأما الرابع فكان موضوعه الطريقة من حيث النشأة والتطور، وكان محور الخامس، الأنشطة في الطريقة الجعفرية، وعالجت في السادس منه، معالم الطريقة الجعفرية في أحد مراكزها الفرعية.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *