لم يستطع فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” إيقاف همة الطرق الصوفية، خاصة أن التواصل بين المريدين وشيوخهم يمثل حالة من الترابط الروحى والفكرى الذي لا يمكن منعه أو إيقافه، ولذلك نقلت الطرق الصوفية كافة فعالياتها وأنشطتها إلى عالم الفضاء الإلكترونى ومواقع التواصل الاجتماعي، فأصبحت تنظم ليالي الذكر والاحتفالات عبر “فيسبوك” و”الواتس آب” وبرنامج “زووم”، من أجل الدعاء ورفع أكف الضراعة لرفع البلاء عن العالم كله وليس أتباع الصوفية فقط أو جموع المسلمين.
وأكد عدد من شيوخ الطرق الصوفية، ل”أمان”، أن فيروس كورونا جعل أتباع الطرق الصوفية يرتبطون أكثر بالتكنولوجيا والإنترنت، حيث أصبح كل مريد لديه حساب خاص على “فيسبوك” و”الواتس آب” لحضور الحضرة مع أبناء طريقته الصوفية، وكذلك ليالي الذكر والعبادة التي كانت تنظمها الطرق في مساجدها وزواياها انتقلت بعد كورونا إلى “فيسبوك” ومواقع الإنترنت الأخرى.
وقال الدكتور علاء أبوالعزائم، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية وعضو المجلس الأعلى للصوفية، إن الطريقة العزمية التي يتزعمها كانت مستعدة لفيروس كورونا استعدادا كبيرا، فتجربة التواصل الإلكترونى لم تكن وليدة فيروس كورونا، بل إن أبناء الطريقة كانوا ينظمون لقاءات عبر مواقع التواصل قبل ظهور الفيروس، وهذا ما جعلهم ينشطون أكثر بعد ظهور هذا الفيروس القاتل.
وتابع “أبوالعزائم” أن جائحة كورونا مع أنها سببت مشاكل كثيرة للناس وتحديدا الصوفية، إلا أنها كانت مفيدة في بعض الأحيان، حيث إن هناك بعض الطرق لم تكن لها أي علاقة بالتكنولوجيا وعالم الأون لاين، وأصبحت بعد كورونا أكثر معرفة بعالم التواصل الاجتماعي، فأصبحت تنظم هذه الطرق لقاءات ومحادثات عبر التواصل الإلكترونى.
فى سياق متصل، قال الشيخ طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية، إن فيروس كورونا جعل مشايخ الطرق الصوفية أكثر ارتباطا بمريديهم من ذى قبل، وذلك لأنه أصبح حساب الشيخ على “فيسبوك” أو “الواتس آب” مفتوحا ٢٤ ساعة لتلقي استفسارات المريدين الذين يرتبطون بشيوخهم ارتباط الابن بوالده، وهذه علاقة روحية إيمانية لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال.
وتابع “الرفاعي”، فى تصريحاته: الصوفية تعايشوا مع فيروس كورونا، وأيضا هم ملتزمون بقرارات الدولة المصرية حتى رحيل هذا الفيروس وشفاء آخر مريض بكورونا، وهذا من أجل مصلحة الجميع، وليس مصلحة أبناء الطرق الصوفية فقط، خاصة أن المولى سبحانه أمرنا بالحفاظ على النفس البشرية.
من جانبه، قال الدكتور منير القادري البودشيشي، رئيس مؤسسة الملتقى الصوفى بالمغرب وفرنسا، إن جائحة كورونا ألّفت بين قلوب الصوفية في المشرق والمغرب، وجعلتهم أكثر ترابطا وتلاقيا، وهذا ما رأيناه خلال الأيام الماضية، حيث نظمت الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقي الصوفى لقاءات وأمسيات دينية صوفية عبر برنامج زووم، وشارك في هذه اللقاءات شخصيات صوفية من كافة أنحاء العالم، خاصة المغرب ومصر وفرنسا والجزائر، وهذا يدل على أن أهل التصوف استطاعوا مواجهة هذه الجائحة الكبرى التي أوقفت نشاط العالم كله.
وتابع “البودشيشي”، فى تصريحاته ل”أمان” قائلا: نظمنا ليالي الوصال الصوفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل لقاء العلماء والشيوخ، وكذلك التواصل بمريدينا الذين هم بالملايين حول العالم، والتكنولوجيا وفرت علينا الكثير، وبالرغم من أن الكثيرين كانوا يقولون إن كان للتكنولوجيا آثارها الضارة على المجتمعات، إلا أنها أفادت البشرية عامة والصوفية خاصة إفادة كبيرة في ظل جائحة فيروس كورونا.