“التربية الروحية للشباب رؤية كسنزانية” … بقلم الباحث : نوري جاسم

شيخ الكسنزانية بالعراق

 

إن الطريقة هي منهج السلوك وهي الصراط المستقيم ، قال تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم ) وهي علم تزكية النفوس البشرية والأخلاق ، وتحلية الظاهر بعلم الشريعة ، وتطهير الباطن بعلم الطريقة من الأمراض النفسية والقلبية ، لنيل السعادة الحقيقية الأبدية في الدنيا والآخرة ، من خلال منهج التربية الروحية على يد الأستاذ الولي المرشد المأذون قال تعالى ( وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ) ( الكهف ١٧) وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم يوجه اهتمام الصحابة وأبنائهم لإصلاح وتزكية أنفسهم وقلوبهم ، قال تعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ).

محمد شمس الدين نهرو.. شيخ الطريقة الكسنزانية بالعالم الإسلامي

إن إصلاح القلوب متوقف على تزكية وتطهير النفوس الإنسانية من الأمراض الخفية والعلل الكامنة ، وهنا يأتي دور منهج التربية الروحية للأستاذ المربي المأذون شيخ الطريقة لأصلاح النفوس والقلوب ، من كل ما يفسدها من الأمراض القلبية ( كالكذب والغش وأكل الحرام والزنا والنفاق والرياء والحسد والغيبة والنميمة ..الخ ) وكل إنسان يتمنى إصلاح نفسه ، ويعمل على التخلص من الصفات المذمومة ، ويحاول أن يكون مثالي في كل شيء ، وهنا يأتي دور الشيخ المربي الوارث المحمدي المأذون قال تعالى ( وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) ، ومن خلال مصاحبته ومرافقته للمربي والإلتزام بالأوراد اليومية والدائمية في منهج العبادات والأذكار الشرعية في الطريقة ، والإخلاص والصدق في العبادة ، والاستقامة على المنهج المحمدي العظيم للطريقة الكسنزانية الذي يحتاجه كل شاب في عصرنا اليوم ، والانسان ضعيف في اصل خلقته مهما كانت قوته الجسمية او المادية ، وان منهج الطريقة يعطيه القوة الروحية والشباب الدائم ، الذي يمكنه من مواجهة الحياة بكل جوانبها ، ويكون عضوا صالحا مصلحا في المجتمع ، من خلال البناء الروحي السليم ، المملوء بالأذكار والاوراد والعبادات وهي تشع بالنور والرحمة والبركة ، والمعزز بمرافقة المعلم المربي وهي رفقة إيمانية صالحة ، قال تعالى ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ) فلابد للإنسان من اخ مؤمن ناصح مخلص وصادق حالا وخلقا يصحبه ويلازمه لكي يتعلم منه الطريق العملي الموصل لتزكية النفوس والتحلي بالكمالات الأخلاقية ، والتي تزداد بصحبته ايمانا وتقوى واخلاقا ، وتشفي من الامراض القلبية والعيوب النفسية.

فقد كان الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم يطبب قلوب اصحابه ويزكي نفوسهم بحاله واقواله وأفعاله ، فلا بد من صحبة الكامل ، حتى يتقوى ضعيف الإيمان بقوي الإيمان ، ويتنور المظلم بنور الكامل ، وحينها يصل الى مدارج السعادة والكمالات ، فالطريقة اهتمت بالجانب القلبي والروحي لتنقيته من الشوائب الدنيوية ، بالإضافة الى ما يقابله من العبادات البدنية والمالية ، ورسم الطريق الذي يوصل المسلم الى اعلى درجات الكمال الايماني والأخلاقي ، وليس كما يظن بعض الناس أن الطريقة هي قراءة الأوراد وحلقات الذكر فقط ، ان الطريقة هي منهج عملي كامل يحقق عملية بناء الإنسان ، ويحوله الى شخصية مثالية متكاملة منتجة في المجتمع ، لأن الطريفة روح الاسلام وجوهره ، وبدون هذا المنهج الروحي القويم يكون الدين قشور بلا لب ، والشباب بخاحة للتوازن الدقيق بين الروح والمادة ، ولأن النفس تميل بطبيعتها إلى غرائزها وشهواتها المادية ، فإن الشباب بحاجة قوية إلى مجاهدة النفس ، وممارسة الرياضة الروحية ، وترويض الذات على سلوك طريق الحق والهدى والصلاح ، طريق مجاهدة النفس ، قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وهو الجهاد الأكبر ، قال رسول الله سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، قالوا يا رسول الله وهل هناك جهاد أعظم من الجهاد في سبيل الله ؟ قال نعم . جهاد النفس)) وجيل الشباب اليوم يعيش حالة من الصراع بين شهواته ورغباته المادية من جانب ، ورغباته الروحية النورانية من جانب آخر ، فإن قدّم شهواته على مبادئه وقيمه ومُثُله الروحية ، فإنه بذلك يكون قد اتخذ إلهه هواه وخسر الله وكل شئ ،، وأما أن ينتصر لمبادئه وقيمه ومُثُله الروحية والأخلاقية ، وعندئذ يكون قد اجتاز الامتحان بنجاح ،
والإسلام لا يمانع من إشباع الغرائز المادية ضمن حدود وضوابط الشرع ، وإنما نتحدث هنا عن الانسياق وراء الشهوات ، والانغماس في الملذات بطرق غير مشروعة ومن دون حدود ولا قيود ، والشباب اليوم أحوج ما يكونون إلى الارتباط بالخالق عزوجل ورحمته العظيمة وباب الوصول إليه وهو الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ، قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) والتقرب إليه، والتوسل به، وبذلك يقترب الشاب أكثر وأكثر من ربه وخالقه تبارك وتعالى ومن نبيه ، وهذا كله مرتبط بمرافقة أهل الصدق والصلاح من الوارثين لسلسلة النور يد بيد عن النبي الكريم صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم تسليما من مشايخ الطريقة العلية القادرية الكسنزانية رواد الخلود ، والشباب بحاجة إلى هذا النور وسلوك طريق الحق لحماية أنفسهم من الشرور ، ومن الوقوع في حبائل الشيطان والنفس والهوى ، لكي يحافظ على الأخلاق والقيم الإنسانية ، وفلسفة الطريقة الكسنزانية تجاه الإنسان تقوم على التوازن بين أبعاد الإنسان ومكوناته الروحية والعقلية والمادية وحاجاته الجسمية ضمن ضوابط الطريقة والشريعة.

وأن الغايات والأهداف النبيلة لا تتم إلا من خلال وسائل وأساليب نبيلة ، وإن التزام الشباب بالصلاة والصيام والعبادات ، وتلاوة القرآن الكريم والدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى هو الذي يحافظ على شعلة الدين في نفوس الشباب ، مما يجعلهم أقوياء أمام ضغوط النفس وأعباء الحياة ، والمغريات المادية وان التمسك بالقيم الروحية هو أفضل حصانة للشاب من الانهيار أمام مغريات المادة ، أو التحول إلى عبد من عبيد الشهوات ، كما أن البناء الصلب للجوانب الروحية هو الذي يجعل الشباب قريبين من الله سبحانه وتعالى ، محبوبين عنده ، وعند الناس .

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

1 فكرة عن ““التربية الروحية للشباب رؤية كسنزانية” … بقلم الباحث : نوري جاسم”

  1. اللهم صل على سيدنا محمد الوصف و الوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

    مقال الأستاذ نوري جميل ومعبر عن السمو الروحي للدرويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *